من النية إلى النتيجة

من النية إلى النتيجة

كل ما نعيشه اليوم، سواء رضينا به أم لا، هو تجلٍّ لنوايا عقدناها سابقا. فالنية ليست مجرد رغبة عابرة، بل قرار نعلن من خلاله توجهنا الجديد للحياة. لكن في كثير من الأحيان، قد نطلق نوايا بدون وعي منا، فنتفاجئ بنتائج لا تشبه ما نرغب به، ونجد أنفسنا وسط معاناة نظن أننا لم نطلبها يوما. والحقيقة، أنها كانت اختيارنا، لأننا لم نكن واضحين كفاية في التعبير عما نريده حقا. فعندما لا نحدد بوعي شكل الحياة التي نريدها، نظل نعتقد أننا ضحايا لواقع لا قوة لنا لتغييره

pexels-goumbik-296282

كل ما نطمح إليه أو نطلبه هو موجود مسبقا، لكن النية هي بداية ولادته في العالم المادي. لذلك، من المهم أن تكون لنا نوايا واضحة. نوايا لكل سنة، ولكل شهر وكل يوم. هي قرارات إن لم نتخذها، نحن نختار أن نكون جزءا من نوايا الآخرين، لنخدم أهدافهم واختياراتهم الشخصية

وبين النية والنتيجة، هناك مسار دقيق مليء بالمراحل، بالدروس والتغيرات. فقد تنقلب حياتنا بكاملها بمجرد نية واحدة. فنغلق أبوابا، نترك علاقات، نغادر أماكن، أو نتخلى عن أهداف لم تعد تنسجم مع مسارنا الجديد. هذه التحولات مهما بدت أنها عراقيل في طريقنا، إلا أنها تعمل من أجل تجهيزنا لاستقبال النتيجة التي اخترناها بصدق

في هذا الطريق، لابد أن نمضي بتدرج. فكل نتيجة تحتاج إلى خطوات تسبقها، ومساحة تتسع لاحتضانها. لا توجد قفزات سحرية، لأن كل ما نريده يتطلب استعدادا داخليا وخارجيا ينمو خطوة بخطوة. مع كل خطوة، نكتسب وضوحا أكبر ونكتشف أجزاء خفية فينا، تطفو مشاعر قديمة على السطح، تُفتح ملفات ظننا أنها أُغلقت، ونمر باختبارات تكشف مدى استحقاقنا و استعدادنا لتحمّل ما طلبناه .

في خضم الرحلة، قد نشعر بالتعب، بالشك، باليأس.. وهنا تصبح العودة إلى الذات ضرورة, العودة إلى مساحات من الصمت، التأمل، التنفّس الواعي، الكتابة… كل ما يعيدنا إلى مركزنا ويشحن النية من جديد، لا بالكلمات، ولكن بالتواصل العميق مع ذواتنا

فبدل التذمر من الرحلة، دورنا أن نراقب باستمتاع التجليات الصغيرة التي تظهر ونمتن لها بصدق، أن نتبع سريان الحياة بتسليم، دون مقاومة أو استعجال، وأن ندوِّن تقدمنا وحصيلة كل ما أنجزناه دون انتظار للنتيجة النهائية. فحتما، يوجد تغيير يخبرنا أن الحياة تستجيب لنا دوما. اتصالنا بالنتائج المرجوة لا يعني التعلّق بها، بل أن نعيشها شعوريا، نتخيلها، نتصرف كما لو كانت جزءا من واقعنا، فهي فعلا كذلك. هذا الاتصال هو ما يرفع تردداتنا، ويخلق انسجاما بين ما نحن عليه في الداخل وما نرغب به في الخارج. فالحياة لا تستجيب لما نقوله، بل  لما نكون عليه في العمق 

notepad-3297994_1280

في النهاية، بين النية والنتيجة، هناك « أنت ». من ينوي، يختار، يتابع، يصحح المسار، ويغذي رؤيته. فكل نية صادقة، مدعومة بالسعي، ومصحوبة بالإيمان، لا بد أن تجد طريقها إلى التجلي. وما يدعم هذه النوايا في العمق هو وعي متجدد، حوار داخلي داعم، وفهم أوسع لقوانين الكون، لوفرة الحياة ولنسختنا الأصلية 

لفهم ما يعيق تدفق النوايا أحيانا، فيديو المدربة مريم العازم : ما هي التنظيفات؟ وعلى أي مستويات؟ يكشف أهم مفاتيح التجليات، وسلسلة « في الطريق إلى النور » عبارة عن محطات أساسية تنير الطريق من خلال التنظيف الواعي ورفع الحجب التي تعيق وصولنا لتجليات أعلى

لمشاهدة الفيديو المذكور في المقال

Tags:
No Comments

Post A Comment